الاقتصاد الاردني يمر بحالة من التباطؤ الاقتصادي منذ أكثر من عقد من الزمان ويحتاج ليس فقط لحزم تحفيز وترتيب أولويات، وانما لمشاريع وبرامج كبيرة تنفذ من الحكومة والقطاع الخاص والمستثمرين بشكل فردي او بالشراكة مع القطاع العام لنتمكن من تحريك الاقتصاد وتحفيزه وتنشيطه. الحزم والقرارات التي تتخذها الحكومات جميعها ايجابية ولكنها لا تكفي لتحريك الاقتصاد.
المتعطلين عن العمل من شباب وباحثين عن عمل لا يهمهم ما يعلن وانما ما سيتم توفيره في سوق العمل. اقتصاد ينمو بمعدلات لا تتجاوز حاجز النصف بالمائة، ويسجل معدلات بطالة وفقر تصل الى حدود الخمسة والعشرين بالمائة، ولديه عجر في الموازنة يتجاوز 831 مليون دينار في النصف الأول من عام 2021 ، ومديونية تتجاوز 34 مليار دينار بنسبة تصل الى حوالي 108 بالمائة من الناتج المحلي الاجمالي، يحتاج، بلا أدنى شك، الى برامج ومشاريع عملاقة في مختلف قطاعاته الاقتصادية للخروج من أزمته العميقة.
علاوة على ذلك فأن أي تحسين على أداء أي قطاع اقتصادي ان لم تنعكس أثاره على الطبقة الفقيرة والمتوسطة من المجتمع فأنها ستكون بمثابة ذر الرماد في العيون. الفجوة بين طبقات المجتمع تتسع.
برنامج أولويات الحكومة يرتكز على ثلاثة محاور رئيسية تشمل تحسين بيئة الاستثمار وممارسة الأعمال في الأردن، وتعزيز المنافسة وتحفيز القطاع الخاص كشريك أساسي لتوفير فرص العمل المستدامة والتشغيل في ظل محدودية القطاع العام على استيعاب الخريجين، ودعم القطاعات الاقتصادية ذات الأولوية وأبرزها قطاعات تكنولوجيا المعلومات والزراعة والصناعة والسياحة والطاقة. ويسعى البرنامج لتحقيق أهداف تتمثل بتمكين القطاع الخاص من زيادة وتحفيز الاستثمارات المحلية والأجنبية وزيادة حجم الصادرات من السلع والخدمات.
كلها أهداف ايجابية وفي الاتجاه الصحيح، ولكن حجم البرنامج لا يكفي لاحداث نقلة نوعية في محافظة صغيرة في المملكة. فعلى سبيل المثال،إن مبلغ 100 مليون دينار المخصص لتمويل محور تعزيز المنافسة وتحفيز التشغيل ضمن برنامج أولويات عمل الحكومة الاقتصادي لا يُعد كافيًا قط لتشغيل المواطنين العاطلين عن العمل وإيجاد فرص العمل المطلوبة لتخفيض معدلات البطالة في المملكة.
ليكن دعمنا للقطاع الخاص جريئاً بحجم حاجة اقتصادنا الى المشاريع وبحجم تطلعات الشباب وتطلعات ورؤية القائد جلالة الملك. الفرص متاحة في مختلف القطاعات ومختلف مناطق المملكة ويجب إعطاء رجال الاعمال وأصحاب الأموال والمستثمرين المحليين والعرب والاجانب الفرص الحقيقية للمشاركة في انشاء المشاريع الجديدة وتوسيع القائم منها بصورة خلاقة لأن وطننا يستحق ومواطننا يستحق.
لنفتح الأبواب على مصراعيها للمستثمرين الجادين. فقد إعتدنا على رؤية برامج وخطط جميلة على الورق، وفي المقابل تكون القيود في الإجراءات على أرض الواقع فتمنع القطاع الخاص من التوسع في أعماله واستثماراته، فلا نرى مشاريع جديدة، ولا توسّع في المشاريع القائمة، وهنا يجب أن يعمل مشرط الاصلاح لتحريك الاقتصاد. يجب التخلص من البيروقراطية السلبية التي تعيق العمل، وبنفس الوقت نحتاج الى تحسين بيروقراطية التنظيم التي تسهل الاستثمار وترشيق العمل، ونحتاج أيضا الى البيروقراطية التي تقلل من الفساد بكافة أشكاله بشرط أن لا تعيق العمل.
الاقتصاد بحاجة لصدمة إيجابية كبيرة في جانبي العرض والطلب. نحتاج للتوسع في المشاريع وبنفس الوقت تحفيز الطلب عن طريق تخفيض الضرائب والرسوم وتسهيل الاجراءات وتوفير الخدمات في هذه الظروف الصعبة، فهي الطريق لاحداث معدلات نمو مرتفعة تنعكس على خلق فرص عمل في مختلف القطاعات الاقتصادية ومختلف المحافظات. لتكن أفكارنا وبرامجنا جرئية تعطي الأمل وتستعيد الحلم الاردني الكبير الذي نشأت عليه مملكتنا الحبيبة لنخرج سريعا من دوامة الركود والتباطؤ والفقر والبطالة والعجز بمختلف أشكاله.

