استدارت عدسات كاميرات محطات التلفزة العالمية 180 درجة من الشرق الى الغرب بعد أن استطاعت الصين أن تحقق نجاحاً منقطع النظير، هو الأول من نوعه في العالم، وتسبق دولاً صناعية متقدمة تعتبر نفسها من الطراز الأول في اعتمادها على العلم والعلماء في ادارتها لدفة صنع واتخاذ قرارتها اليومية، كالولايات المتحدة وبريطانيا والمانيا وفرنسا وايطاليا. فبعد شهرين من اتخاذ الصين للخطوات التي اعتبرها العالم مثيرة بحجر حوالي 56 مليون شخص في مدينة ووهان ومقاطعة هوبي المحيطة بها، تباطأت العدوى اليوم بشكل كبير، ولم تحدث أي حالات جديدة داخلية في المقاطعة ولمدة ستة أيام متتالية. وهذا الانجاز ترفع القبعات له. فمع تباطؤ معدل الإصابة المحلية في الصين ، كثفت بقية دول العالم من الإجراءات لمحاولة مكافحة الجائحة المستفحل. وبعد أن كانت الصين هي المصدرة للوباء أصبحت تستورده من الخارج، وغدت الصين حريصة على تدفق العدوى من دول أخرى، حيث ارتفع عدد الحالات المستوردة بشكل مطرد خلال الأسابيع الأخيرة لتصل الى 350 حالة.
تحدثنا قبل أسابيع قليلة عن الجدران الصحية بين الدول واليوم نتحدث عن جدران صحية وحجر بين المقاطعات والولايات والمدن والاحياء في المدن وداخل البيوت والغرف. أننا نعيش في زمن وعالم غريب، تتسارع فيه الاحداث كل يوم وتتكشف اجزاء من الحقائق ساعة تلو الساعة.
رأينا كيف كانت ردة فعل حكومات بعض الدول في بداية انتشار فيروس كورونا مستهترة بمشاعر الناس وأرواحهم، ورأينا في الايام القليلة الماضية كيف تحولت سياسات تلك الدول بعد فاقت على وقع خطوات الفيروس بين مواطنيها كانتشار النار في الهشيم. وكانت هذه الاستجابات متأخرة كثيراً وستدفع حكومات تلك الدول ثمنا باهظا لتلك السياسات. فبدأت تلك الدول بالحديث عة الحجر والعزل والظوارئ وغلق الحدود واقفال الأنشطة وتوقف العمل واقفال المدارس والجامعات والمصانع والمطارات وصلنا لدرجة انشل فيها العالم كلياً. فهل يتصرف العالم بحكمة هذه الايام؟ باعتقادي أن هنالك انشطة يجب أن تستمر والا فكيف سيبقى العالم على قيد الحياة بعد شهور قليلة اذات توقفت حركة الانتاج وخاصة الزراعي والغذائي بمختلف أصنافة النباتية والحيوانية وخاصة أننا نعيش الان بفترة الربيع وهو فصل الانتاج الزراعي والحيواني بمختلف أشكاله.
وبدأنا الان نرى حديث الدول عن حزم انقاذ اقتصادي لمواجهة تداعيات انتشار جائحة كورونا. ففي الولايات المتحدة الامريكية النقاش في الكونغرس الامريكي عن حزمة انقاذ اقتصادي بقيمة 1-2 ترليون دولار أمريكي، وفي بريطانيا الحديث عن مئات المليارات من الجنيهات الاسترلينية. باعتقادي لا يمكن الحديث عن حزم الانقاذ قبل تقدير حجم الخسائر الضخمة التي سيتكبها الاقتصاد العالمي جراء هذه الازمة المنقطعة النظير. التقديرات الأولية للخسائر تشر الى ترليونات الدولارات. نحن نتحدث عن خسارة الاقتصاد العالمي لربع انتاجه العالمي بافتراض توقف اقتصاديات الدول لثلاثة أشهر تباعا وهذا سيناريو متفائل حيث أن الصين توقفت لمدة شهرين ونصف الشهر ولكنها اتبعت اسلوب مختلف كليا لم تتبعه دولة في العالم.
فيروس كورونا كشف هشاشة كافة انظمة العالم الصحية والتعليمية والعمل من المنزل

