كسر مؤشر الرقم القياسي العام لأسعار الأسهم المرجح بالأسهم الحرة ASE100 لبورصة عمان حاجز الألفي نقطة بتاريخ 26 أيار 2021 وذلك لأول مرة منذ شهر تموز 2018. ويعتبر ذلك انجازاً كبيراً بالنسبة للشركات المدرجة في البورصة وللمستثمرين في أوراق تلك الشركات. ووصل الرقم القياسي العام الى 2076.58 نقطة يوم الخميس الماضي الموافق 9 أيلول 2021. وقد حافظ على مستوياته لأعلى من 2000 نقطة لثلاثة شهور متتالية عابراً الشهر الرابع عند تلك المستويات.
لقد عكس هذا الارتفاع أداء الشركات المدرجة على البورصة. فقد شهدت أرباح الشركات المساهمة العامة المدرجة في بورصة عمان بعد الضريبة والتي زودت البورصة ببياناتها المالية، تحسناً كبيراً للنصف الأول من عام 2021 حيث ارتفعت إلى 502.7 مليون دينار، مقارنة مع 117.5 مليون دينار للنصف الأول من عام 2020، أي بارتفاع نسبته 328 بالمائة. علماً بأن الأرباح قبل الضريبة لهذه الشركات قد ارتفعت إلى 741.8 مليون دينار للنصف الأول من عام 2021 مقارنة مع 253.7 مليون دينار للنصف الأول من عام 2020، أي بارتفاع نسبته 192.4 بالمائة.
ومن الناحية القطاعية، فقد كان قطاع الصناعة الأكثر ارتفاعاً في أرباحه بعد الضريبة بنسبة بلغت 567.3 بالمائة، يليه قطاع الخدمات بارتفاع نسبته 133.0 بالمائة، وأخيراً القطاع المالي بارتفاع نسبته 82.5 بالمائة. إن هذه النتائج تدعو إلى التفاؤل بتحسن أداء الشركات والوضع الاقتصادي العام في ظل استمرار فتح القطاعات الاقتصادية وتوقع تحقيق نمو اقتصادي إيجابي أخر في الربع الثاني من هذا العام مقارنة مع تسجيل نمو سلبي لعام 2020.
في أي اقتصاد في العالم تعتبر البورصة عامل مهم في سوق رأس المال وفي الاقتصاد الكلي بشكل عام. إنها مكان آمن يتم من خلاله شراء وبيع الأوراق المالية بطريقة منهجية وفقًا لقواعد ولوائح منظمة جيدًا. وفي الأسواق المالية المكتملة، تشمل الأوراق المالية المتداولة السندات والأسهم الصادرة عن شركة عامة مدرجة بشكل صحيح في البورصة، بالاضافة الى السندات الصادرة عن الهيئات الحكومية والهيئات البلدية والعامة، و يمكن أن يكون التداول عبر الإنترنت أو من خلال مكان البورصة مباشرة.
ولا تقتصر وظائف البورصة بكونها منصة أو منتدى لبيع وشراء الاوراق المالية ولكنها تقوم بمهما أكبر من ذلك، فالبورصة تقوم بدور مؤشر أو ميزان حرارة للاقتصاد، حيث تعمل كمؤشر اقتصادي يدل على حالة الاقتصاد، إن كان منتعشاً أو متباطاً أو راكداً، وبنفس الوقت، تعتبر البورصة احدى القنوات الرئيسية لتمويل الاقتصاد وتنشيطه.
مؤشرات البورصة تشير الى انخفاض نسبة الاستثمارات الأجنبية في بورصة عمان في نهاية شهر آب 2021 الى حوالي 48.7 بالمائة من إجمالي القيمة السوقية، من 51.1 بالمائة في نهاية عام 2020. وهذا ما يجب أن يدعو لمراجعة أسباب هذا الانخفاض لمعالجتها لأن الاستثمار الاجنبي في البورصة هو أيضا احدى أدوات تمويل الاقتصاد وتنشيطه بسيولة خارجية.
ما تحتاجه بورصة عمان اليوم هو وضع وتطبيق السياسات اللازمة لجذب الاستثمار المؤسسي، وخاصة من خلال صناديق الاستثمار، تمهيداً لعودة السيولة للسوق. ولطالما تحدثنا أيضا عن أهمية توفير صناع للسوق Market Makers مرخصين في البورصة، حيث أن من شأن ذلك تخفيض التقلبات في الأسعار وتوفير ثقة أكبر في مستويات الأسعار السائدة، والمحافظة على سيولة السوق. كما ولا بد من تعزيز السوق الأولية للأوراق المالية الحكومية (السندات) من خلال توسيع قاعدة المستثمرين، وتنويع أدوات الدين العام، وتشجيع وجود سوق ثانوية كفؤة للأوراق المالية الحكومية. فلا يجوز في دولة مثل الاردن ان يكون التداول في بورصتها باداة مالية واحده، هي الاسهم، ونحن من أعرق الاسواق المالية في العالم العربي.

